قبل أيام كنت في العمل فصورت ورقة باستخدام الآيفون وبالأخص باستخدام برنامج كام سكانر (CamScanner+)، بعد تصوير الورقة بعثتها لنفسي باستخدام الإيميل حتى أقوم بأرشفتها، مهمة سهلة جدا، ولكن المشكلة أن يدي غير ثابتة أثناء التصوير، ولو أنني أردت أن أصور عدة أوراق واحدة تلو الآخرى لكانت المهمة أصعب، وخصوصا أنني أحتاج لتثبيت يدي لكل ورقة، ثم أنني أحتاج أن أضبط زاوية التصوير بقدر الإمكان (بالرغم من وجود خاصية تعديل ميلان الورقة في البرنامج، ولكنه محدود)، فقررت أن أصنع ماسحا آيفونيا يقوم بعملية التصوير أوتوماتيكيا ومن غير أي تدخل مني، قد تقول أنه من الأفضل لك أن أشتري ماسح ضوئي وتنتهي من هذه المشكلة، صحيح، ولكن بالمقارنة هناك عيوب في الماسح الضوئي، فهو يحتاج لأن يسخن بعد تشغيله لأول مرة، ثم أن المسح للورقة بطيء بالمقارنة مع تصوير الآيفون (ثاؤب)، دعك عنك كل الأعذار، السبب الرئيسي في الفكرة كلها هو أن أخوض تجربة علمية أستفيد ويستفيد منها الجميع، وأستمتع فيها بنفس الوقت.

 

في البداية لم تتعدى الفكرة أبعد من صناعة حامل للآيفون بحيث يزيل الحاجة لمسكه باليد بذلك أزيل الاهتزازات اليدوية، فقمت بصناعة قاعدة خشبية، توجهت لشركة أيس هاردوير (Ace Hardware)، واشتريت قطع خشبية المخصصة للهوايات، وأسرعت راجعا للمنزل، وبدأت بقطع الأخشاب باستخدام أدوات النحت للهاوين، لم تكن المهمة سهلة لعدم تخصصي في الخشب، ولكني توصلت بالنتيجة النهائية إلى قاعدة بسيطة كما هو موضح في الصورة التي على الجانب الأيسر (طبعا اعتبر نفسك لم تلاحظ الطابعة والماسح الضوئي لشركة الإيتشبي على يسار الماسح الآيفوني). لاحظ الآيفون في الأعلى، ولاحظ الورقة في الأسفل، الخطة نجحت، فرمل! كانت هناك مشكلة، حينما أضغط على زر التصوير على الآيفون يتسبب اصبعي باهتزاز الصورة، الخشب لم يكن كافيا لأن يوقف تذبذب الصورة، وإن قلل منه بشكل كبير، إذن، لم تنته المشكلة بعد، أحتاج لأن أجعل التصوير أوتوماتيكا.

حتى أقارن هذا المشروع البسيط مع الماسح الضوئي لابد - على الأقل – أن أجعله يتميز في فكرة أو فكرتين، إذن، لنجعل الآيفون يصور من غير أن أضغط على الزر، وليكن أنني حينما أضع الورقة في مكانها الصحيح يقوم الآيفون بالتصوير أوتوماتيكا، كيف يمكنني التحكم بالآيفون؟ وكيف يمككني أن أعرف ما إذا وُضعت ورقة على سطح الماسح الخشبي؟ هنا يتدخل الآردوينو (Arduino) المنقذ (هناك عدة صفحات على الإنترنت تشرح عن جهاز الآردوينو، ابحث عنه باستخدام الجوجل، لترى مئات الآلاف من الصفحات التي تتكلم عنه، وهناك الآلاف من الأمثلة لمختلف الاختراعات باستخدامه، ولكن بشكل عام هو جهاز إلكتروني يمكنك برمجته وإيصاله بمكونات إلكترونية أخرى للتحكم فيها، فإذا كنت محبي العمل على الأجهزة الإلكترونية فأنصحك بتعلم الآردوينو، فلن تندم أبدا).

أستطيع أن أصنع دائرة بسيطة جدا، وأربطها بالآردوينو، ومن خلال الآردوينو أستطيع أن أتحكم في الآيفون، في الجانب الأيمن لحلبة الفكرة لابد للدائرة أن تُحسس الآردوينو بأن هناك ورقة في مكانها الصحيح، أستطيع عمل ذلك عن طريق مقاومات تعتمد على الضوء (Photo Resistor)، لاحظ الصورة التي على اليسار، هذه النقاط المؤشر عليها في الصورة هي المقاومات، إنها تتأثر بشدة الضوء، كلما كان الضوء المسلط عليها أقوى كلما كانت مقاومتها للتيار الكهربائي أكبر، وكلما كان الضوء المسلط عليها أقل شدة كلما قلت مقاومتها، إذن، يمكنني أن أرسل قيمة شدة الضوء للآردويو، فلنضع واحدة من المقاومات على سطح الماسح الخشبي، ولو أن ورقة غطت هذه المقاومة، ستقل شدة الضوء، وإذا أزلنا الورقة ستعود شدة الضوء إلى قوتها الأولى، بذلك نعرف ما إذا كانت هناك ورقة على الماسح أم لا. جيد!

بقي الجانب الأيسر من الحلبة، كيف سيأمر الآردوينو الآيفون ببدأ التصوير بعد تغطية المقاومة؟ هناك عدة طرق، ولكني أستسلمت للأسهل، حينما تشتري الآيفون تأتي معه سماعات الأذن، على سلك من أسلاك السماعتين ستلاحظ وجود أزرار تحكم، واحدة من تلك تتحكم في رفع الصوت، وإن كنت لا تعلم هذه المعلومة فإن بنفس هذا الزر يمكنك أن تصور بمجرد الضغط عليه بعد تشغيل الكاميرا على الآيفون، كليك، وإذا بالآيفون يصور، رائع! أستطيع أن أستخدم هذا الزر لأتمتة التصوير، الدائرة الحمراء محيطة بالزر على الشكل على اليمين.

بسرعة خاطفة أمسكت بسماعات الأذن، وبدأت بفك الغطاء الذي يغطي الأزرار، ستجد أن تحت تلك الأغطية هناك أزرة معدنية دائرية تنثني تحت الضغط، أزلت هذه أيضا فتوصلت لسلكين مُوصلين على الدائرة، هذا ما كنت أبحث عنه، كل ما علي فعله الآن هو أن ألحم سلكين على هذين الموصلين، وإذا ما لامست السلكين بعضهما البعض، كليك، الكاميرا تصور، وهذا ما حدث بالفعل بعد أن قمت بالعملية، وأسميها بعملية لأنها كانت متعبة نوعا ما، حيث أن المنطقة هذه حساسة، وإن تتعرض حرارة اللاحم لفترة طويلة قد لا تعمل (خصوصا أن بها إلكترونيات دقيقة جدا)، والشيء الآخر المتعب هو أن السلكين كانا من الصغر بحيث يصعب تركيب أسلاك عليهما، على اليسار صورة مكبرة باستخدام عدسات تبين السلكين الصغيرين.

 

الآن نحتاج للدائرة الحكم التي تدخل المتباريين من أطرف الحلبة على بعض، ولكن قبل وصف الدائرة، هناك إضافة بسيطة أدخلتها على الدائرة للتحسين من الماسح الآيفوني (حتى أضمن القضاء على الماسحات الضوئية بالكامل)، وهو أنني أضفت مقاومة ضوئية أخرى، كل مقاومة تكون على طرف من طرفي الورقة (رجع الصورة التي فيها المقاومتين)، لماذا؟ حتى إذا ما وضعنا الورقة باستدارة غير صحيحة فلن يتم تصويرها، فإذا كانت الورقة مائلة إلى جانب أو لآخر ذلك يعني أن واحدة من المقاومات ستتغطى، وستبقى الأخرى مكشوفة، حينها لا يعطي الآردوينو الإشارة للآيفون بالتصوير، ولكن لو تم تغطية كلا المقاومتين، عندها يتم التصوير، قارن هذه الفكرة مع الماسح الضوئي، الماسح الضوئي لا يستطيع إخبارك ما إذا كانت الورقة مائلة أم لا، كم مرة وضعت ورقة على الماسح الضوئي وصورتها ووجدت أنها تحركت من مكانها؟ (النتيجة 1 – 0 لصالح الماسح الآيفوني).

الآن أستطيع بناء دائرتي بسلام وإطمئنان، الصورة التي في الأسفل تبين خريطة الدائرة. لاحظ أن هناك مجموعة أخرى من الأشياء التي لم أذكرها بعد، وأولها الأضواء (أو الصمام ثنائي باعث للضوء – اسم طويل ومزعج ولكن يُقصد به الـ LED)، أولا هناك اثنان من الأضواء، واحد أحمر والآخر أصفر، الأحمر يضيء حينما لا توضع الورقة بالشكل الصحيح، والضوء الأصفر يدل على أن الأمور على ما يرام، وأن الآيفون سيأخذ الصورة الآن، لذلك انتظر حتى يتم التصوير، بعد أن ينطفئ الضوء الأصفر يمكنك إزالة الورقة ووضع أخرى إن شئت. والشيء الآخر وهو الزر الذي أسفل الأضواء، وهو زر الإعدادات، ماذا أقصد بذلك؟ بكل بساطة، شدة الضوء تختلف من غرفة إلى أخرى، لو أنك أردت أن تصور أوراق في غرف مختلفة فذلك قد يسبب مشكلة للماسح الآيفوني لو لم يتم إعادة تعيير المقاوماتين الضوئيتين بحسب الإضاءة في الغرفة الأخرى، ذلك سيتم عن طريق البرمجة، وسأشرح الفكرة بعد قليل (أما الآن تستطيع الاستمتاع بالنظر للدائرة، وسنعود بعد الفاصل).

 

تستطيع أن تصنع هذه الدائرة بنفسك، العملية بسيطة جدا، كل ما عليك القيام به هو شراء الآردوينو (في حدود 20 دولار) من على الإنترنت، وباقي المكونات موجودة في أي محل إلكتروني (يبيع مكونات إلكترونية)، وصل الدائرة كما تراها، وبعدها انسخ البرنامج التالي، وألصقه في أداة برمجة الآردوينو (للأسف لا أستطيع أن أشرح كل ما يتخص بهذا الجهاز الرائع، ولكن تستطيع زيارة الصفحة الرئيسية، وستجد ما يسرك، سأقوم بوضع روابط في النهاية).

لنعود مرة أخرى لتعيير الضوء، حينما تشغل الماسح الآيفوني لأول مرة، سيقوم البرنامج بأخذ شدة الضوء المسلطة على المقاومات، ثم يعتبر شدة الضوء هذه هي 100% لهذه الغرفة، حينما تغطي المقاومات بورقة فإن الضوء ينخفض إلى النصف (حسب تجربتي مع الأوراق)، أنا اعتبرت أي انخفاض بالضوء بقدر 30% يكفي لكي يعطي الآردوينو إشارة للآيفون للتصوير، تخيل الآن لو أنك أخذت الماسح لغرفة أخرى تكون الإضاءة فيها أخف، ولنقل أن هذه الإضاءة أخف بمقدار 30% عن الغرفة الأولى، حينها سيعتبر الآردوينو أن المقاومات قد تم تغطيتها، فيقوم الآيفون بالتصوير، وهذا خطأ، إذن لابد من أن نعيد تعيير حساسية الضوء بحيث يعتبر الآردوينو شدة الإضاءة في الغرفة الجديدة هي 100%، ويقيس بعدها على ذلك فأي انخفاض بعد ذلك سيجعل الآيفون يصور، وهذه هي فكرة الزر أسفل الأضواء.